تلعب العواطف والمشاعر والأحاسيس الدور الأساسي والأعمق في هندسة وبناء العلاقات الإنسانية بين الناس؛ ولذا فكلما نمت قدرة الإنسان على حسن التعامل مع هذه العواطف والمشاعر والأحاسيس زادت قدرته على غزو قلوب الآخرين والتأثير فيها.
والنبي صلى الله عليه وسلم يضرب لنا المثل والقدوة في ذلك، فقد كان أقدر الناس على التعامل مع هذه المشاعر؛ بما منحه الله من حسن الخلق وطيب النفس حتى كان صلى الله عليه وسلم أعمق الناس أثرًا في نفوس من عايشوه، بل وفي نفوس من سمعوا عنه دون أن يروه. وهذا عروة بن مسعود الثقفي يصف لقريش ما رآه من حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:
"أيْ قوم، والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ووالله ما رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمدٍ محمدا".
وهكذا ينبغي أن يكون كلُّ داعيةٍ صاحب أثرٍ عميقٍ في نفوس من حوله حتى يستطيع أن يؤثر في سلوكهم وأخلاقهم وعباداتهم… إلخ.
وإسهامًا منَّا في مساعدة الداعية على أن يكون صاحب أثرٍ عميقٍ وفعالٍ فيمن حوله نقترح في السطور التالية بعض الوسائل التي نرجو أن تكون له عونًا في امتلاك نفوس من حوله وإمالة قلوبهم ومد جسور المودة والألفة والتواصل معهم:
1- ابتسامة صادقة ووجه بشوش:
فالابتسامة الصادقة والوجه البشوش يعبران عن عاطفةٍ جياشةٍ صادقةٍ داخل النفس، هذه العاطفة تحرك الوجدان وتهز المشاعر فترى أثرها نورا يضيء وجه صاحبها، حتى ليكاد وجهه ينطق بما في القلب من ودٍّ وحبٍّ للآخرين فتنجذب القلوب إلى هذا الوجه البسَّام وتشعر الأرواح بألفةٍ وودٍّ معه.
فالابتسامة المشرقة على وجهٍ طلقٍ كفيلة بأن تفتح مغاليق النفوس وأن تنفذ إلى أعماق القلوب.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم صاحب ابتسامة لا مثيل لها، حتى قال عنه عبد الله بن الحارث رضي الله عنه:
"ما رأيت أحداً أَكثر تبسُّماً مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه الترمذي بسند حسن.
والابتسامة الصافية الصادقة لا تفتح لنا قلوب الناس فقط، ولكن تمنحنا أيضًا ثوابًا يضاف إلى ميزان حسناتنا كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:
"تَبَسُّمكَ في وجهِ أخيكَ لكَ صدقة" رواه الترمذي بسند حسن.